٢٧.٥.٠٦

هم أنفسهم ... ؟!


هم أنفسهم من ولدوا في حاضنة سورية ورعاية مخابراتها ، صاروا يتسابقون في شتمها وفي العداء لنظامها والمزايدة وطنياً على من دفع الدماء والدموع والقمع والنفي ثمناً لإخراجها من لبنان.
هم أنفسهم من تنازلوا عن السيادة وباعوا ضمائرهم لشيطان الاحتلال ، ومنهم من فرش السجاد الأحمر لضابط المخابرات السوري وقدّم له مفتاح بيروت المذهّب ، عادوا اليوم لينسبوا لأنفسهم مقاومة الاحتلال ومواجهة النظام الأمني.
هم أنفسهم من كانوا يطربون لشعار تلازم المسار والمصير ويرددون من غير ملل مقولة شرعي وضروري ومؤقت. هم أنفسهم من صفقوا طويلاً للرئيس شيراك معلناً من على منصة البرلمان اللبناني بأن استقلال لبنان معلق على إنهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي. هم أنفسهم باتوا يوزعون الشهادات في الأخلاق والوطنية فيمنحونها لمن شاؤوا ويحجبنونها عمن أرادوا ...
هم أنفسهم من كانت قلوبهم تقفز فرحاً ورضاً لتوقيف المقاومين وقمع المناضلين وتلفيق التهم بحق الأحرار. هم أنفسهم من سخروا من المعارضة واحتقروا رموزها وحاصروا طروحاتها يحاولون اليوم وضع يدهم على نضالات سواهم ويدعون بطولاتٍ ، هم منها براء وغرباء.
هم أنفسهم من عيّنوا نواباً ووزراء ومدراء عامين ( بالتهديد وتحت الضغط طبعاً !!! ) هم أنفسهم من شكلوا مافيا الحكم منذ العام 1992 وحتى خريف ال 2004 ، فكانت لهم وكالة عنجر الحصرية. هم أنفسهم من خانوا وعربدوا وتمرجلوا بإسم دمشق وبالنيابة عنها ، صاروا يعيرون الوطنيين وهم يتهموننا بالصفقة والاستزلام لسورية.
هم أنفسهم من سرقوا المليارات وبددوا مالية الدولة ونهبوا مال الشعب اللبناني وتبارت زوجاتهم في الأسفار وشراء معاطف الفرو ، باتوا يدعون الطهر وصاروا يحاضرون في العفة والاصلاح.
هم أنفسهم من أفقر وجوّع اللبنانيين وتسبب في هجرة مليون ونصف المليون منهم. هم أنفسهم ما زالوا في السلطة والحكم قبل وبعد خروج سورية وهم يكررون مرة بعد مرة ما اقترفوا من أفعال وجرائم.
هم أنفسهم من أفسدوا القضاء واستخدموه لقمع الرأي الآخر وتصفية الخصوم السياسيين ، ما زالوا على ممارساتهم عينها ، يخالفون القانون ويطيحون بالبديهيات الدستورية فيقرون قانوناً لتعطيل المجلس الدستوري لمجرد حماية أغلبيتهم النيابية الوهمية والمزورة.
هم أنفسهم منظموا ومحرضوا وممولوا تظاهرة 5 شباط التي اجتاحت الأشرفية فأحرقت وسبت وغنمت واستباحت. هم أنفسهم يسخرون من تظاهرة 10 أيار المطلبية والسلمية.
هم أنفسهم جماعة التحريض والشحن الطائفي وقد أفادوا من الوصاية المخابراتية لتهميش المسيحيين وإقصائهم عن الدولة. هم أنفسهم يمعنون بعد خروج سورية في ضرب التوازن والإطاحة بالمشاركة وتخريب الوفاق الوطني.
هم أنفسهم تنقصهم النزاهة الخلقية والسياسية قبل وبعد خروج سورية من لبنان.
هم أنفسهم من جاء بهم قانون غازي كنعان ، ومن سيذهب بهم الشعب اللبناني. الشعب اللبناني الذي يختزن في ضميره الجماعي وفي ذاكرته الوطنية ما كان الجنرال ديغول يردده من أن الكرامة وحدها هي المنقذ الأكيد في الشدائد الوطنية.


المهندس حكمت ديب
27/5/2006