٢٥.١١.٠٥

جرجس الخوري

المؤمن ينتظر الفرصة (1)


أوقف جريس الخوري بتهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة منتصف آذار عام 1994، في وزارة الدفاع في اليرزة، لكنه خرج بصمت منذ فترة قصيرة الى الحرية.
من منزله المتواضع في ضبيه، ووسط ضجيج موسيقى الجيران تحدث جريس عن معاناته في السجن.
بمرح وحسرة، فيما الابتسامة لا تفارق وجهه الهزيل، وصف معاناته الطويلة.
"ما زلت في فترة راحة ومعالجة. فسنوات السجن الاثنتا عشرة، أنهكت قواي وأضعفت نظري. سؤ التغذية سبب لي ضعفا ً وآلاما ً في المعدة، وأنا في حاجة لنظام غذائي دقيق. فقدت عددا ً من أسناني ومعالجتها يتكفل بها طبيب صديق وسيدة مغتربة.
لم أطلب شيئا ً من أحد، لكنني لا أرفض المساعدة، وخصوصا ً ان وضع أهلي لا يسمح بدفع أي تكاليف، أخي وسام لا يعمل، وقد ضحى مثلي خلال أعوام سجني.
أريد أن أعود الى الجامعة للتخصص دراسات عليا في المال والاقتصاد الدولي، لكنني انتظر الحصول على دعم. اتكل دائما على الله الذي لم يتركني خلال محنتي الطويلة".
أضاف: "ايماني القوي ساعدني على تحمّل السجن والبرد والعطش والجوع والحرمان والالآم والضغط النفسي والتعذيب الجسدي. تعرضت للضرب في الاعوام الاولى، ومـَنعت عني الزيارات وحتى من المحامين. انقطعت نهائيا ً عن العالم ولم يبق لي سوى إرادة البقاء.
حرموني من كل حقوقي الانسانية وابسطها، ومـَنع عليّ وعلى أي كان المطالبة بأي حق انساني، فحتى معاية طبيب وقت المرض الشديد كانت ممنوعة".
"اعتبرت سجينا مجمرما ً، وبمجرد دخولي السجن جرّدوني من كل شيء حتى السبحة في يدي أخذوها مني. نمت بدون فرشة مع غطاء خفيف في أسوأ الظروف. عشت من دون أي غرض شخصي، حتى القلم والكتاب..."
وتابع الخوري سرد التفاصيل:" بعد الاعوام الثلاثة الاولى سَمح لي بقراءة الانجيل ومجلة فنية، لكن بعد حذف او تمزيق أي كلمة سياسية اذا وَجدت. الله أعطاني بصيرة التحليل، ومن خلال الصور كنت اعرف مجرى بعض الاحداث."
وتابع الخوري سرد التفاصيل: " لم افقد الأمل يوما ً، فأنا انسان بريء، أدخلت السجن في ظروف سياسية معينة وكنت أعرف انه سيفرج عني فور خروج السوريين او إثر حصول تغيير في النظام.
صحيح أني تعذبت، لكن صلاتي المتواصلة خففت عني عذابي. صلاة الوردية والعذراء مريم أبقتني حياً ومتأملا ً. اشكر الله وأريد أن أكمل حياتي بعيدا ً عن كل الهموم.
أتمنى السفر ومتابعة دروسي. لا أعرف كيف، لكن الله لن يتركني. أنا مؤمن متعبـّد للعذراء ولا أخشى شيئا ً."
جريس الخوري، ايمانك القوي وصلواتك المتواصلة أبقتك حيا ً وزادتك رجاء. أتمنى أن تنصفك الحياة، فتلقى المساعدة اللازمة وتتابع الدراسة التي حـُرمت منها.



ساميا مشلب

(1) النهار – ملحق الصحافيون الشباب، الاربعاء 16 تشرين الثاني 2005.